وسط البلد
القاهرة – مصر
ميدان التحرير
بين الماضي والحاضر
كان يسمى في الأصل بميدان الإسماعيلية نسبة إلى مؤسسه الخديوي إسماعيل (1863-1879) وقد سُمي ميدان التحرير نسبة إلى ثورة 1952 تخليداً لذكرى تحرير مصر من الإستعمار في عام 1919.
مر ميدان التحرير بالعديد من مراحل التطوير والتجديد وفي كل مرحلة من مراحل تطويره كانت الجهات المسئولة تولى إهتماماً دائمًا للميدان ودوره في الهوية الوطنية والتاريخ كما تمت كتابة الأحداث التاريخية الكبرى في الدولة المصرية في قلب الميدان وأبرزها كنقطة محورية للتعبير الشعبى عن الفرح والحزن والاحتجاج ثم تكررت المواجهات بين المتظاهرين المصريين والسلطات عدة مرات خلال القرن الماضي وتشمل هذه الأحداث: ثورة 1919 وتظاهرات 1935 ضد الإحتلال البريطاني وثورة 1952ومؤخرا أحداث 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 وتضع هذه الأحداث ميدان التحرير في نقطة إرتكاز التاريخ المصري الحديث.
جاء الإلهام لتطوير المنطقة المحيطة بميدان التحرير من إعجاب الخديوي إسماعيل بالميادين والشوارع المصممة حديثًا في باريس حيث خطط الخديوي إسماعيل لجعل القاهرة عاصمة حديثة على غرار النموذج الأوروبي، ولطالما اعتبرت الأرض على طول ضفاف النيل غير صالحة للسكن بسبب طبيعة المستنقعات في المنطقة وبحلول عام 1865 حول الخديوي إنتباهه إلى هذه المنطقة لتطوير حي حديث حيث تم تطوير القاهرة الخديوية (الآن وسط البلد) بشوارع واسعة تنتشر فيها عدد من الساحات الأنيقة أكبرها ميدان الإسماعيلية.
سرعان ما شيد أفراد من العائلة المالكة والمصريون الأثرياء العديد من القصور حول الميدان الجديد وقد تم هدم معظمها واستبدالها بمباني أخرى لكن قصر أحمد خيري باشا (ستينيات القرن التاسع عشر) لا يزال قائمًا في الجزء الشرقي من الميدان وهو الآن جزء من حرم الجامعة الأمريكية في القاهرة وقصر الأميرة نعمة الله كمال الدين (1900) بالقرب من كوبرى قصر النيل تستخدمه وزارة الخارجية حاليًا، وعلى ضفاف النيل أقيمت ثكنات كبيرة لجيش الخديوي إسماعيل ومن عام 1882 تم إستخدام هذا المجمع من قبل القوات البريطانية المحتلة.
بدأ إنشاء المتحف المصري في الجانب الشمالي من الميدان عام 1897 ثم إفتتح عام 1902.
تم هدم الثكنات البريطانية في عام 1948 كجزء من إعادة تطوير الميدان الذى شهد تشييد المجمّع الهائل والذي كان سابقًا المبنى الإداري الرئيسي للحكومة، وبحلول أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وقف فندق النيل هيلتون الحديث (الآن ريتز كارلتون) في الموقع للترحيب بالعالم بأكمله في القاهرة وهو أحد ثلاثة مبانٍ للمعماري المصري الحديث محمود رياض، تم تشييده بمحاذاة كورنيش النيل بجانب ميدان التحرير: في الناحية الجنوبية يقف مبنى جامعة الدول العربية (1955)، وإلى الشمال الشرقي يوجد المتحف ويقع إلى الغرب من المتحف مبنى الإتحاد الإشتراكي العربي / الحزب الوطني الديمقراطي (تم بناؤه عام 1959 وتم إزالته عام 2015) وتم نقل موقف الأتوبيسات من أمام المتحف في التسعينيات، لكن مع وجود محطة مترو السادات - حيث يتصل خطان من المترو - يجعل ميدان التحرير جزءًا مركزيًا من المدينة.
في أعقاب ثورة 1952 تم تغيير إسم الميدان رسميًا إلى ميدان التحرير في 2 يوليو 1954 وأصبح إحد الميادين الرئيسية التي تشهد إحتفالات الثورة وفي الآونة الأخيرة تتجدد الجهود بتوجيه من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لإعادة تطوير وتجديد ميدان التحرير والأماكن المفتوحة المحيطة به حيث سيشمل مشروع حكومة مدبولي لتحويل الميدان إلى متحف مفتوح فيه عددًا كبيرًا من مناطق الجذب السياحي وفي قلب ميدان التحرير يقف نصب تذكاري لإحياء ذكرى أحداث السنوات العشر الماضية، يتكون النصب التذكاري من مسلة من الجرانيت الأحمر لرمسيس الثاني من صان الحجر (تانيس القديمة) محاطة بأربعة تماثيل من معبد الكرنك وهى من الحجر الرملي برأس كبش تحمي كل منها تمثالًا واقفاً لرمسيس الثاني بين ساقيه.