تعود فكرة إنشاء متحف للآثار المصرية في مصر إلى محمد علي باشا الذي كان حاكم مصر(1805 – 1848) حيث أصدر مرسوماً في 15 أغسطس 1835 في محاولة لوقف خروج الآثار من مصر، والذي أسفر عن إنشاء أول متحف مصري للآثار في القاهرة يقع في مبنى بالقرب من حديقة الأزبكية، صمم سيناريو العرض حكيكيان أفندي، وتولى يوسف ضياء أفندي إدارة هذا المتحف، وفي الوقت نفسه، أمر الشيخ رفاعة الطهطاوي، المسؤول عن أعمال التنقيب عن الآثار المصرية والمحافظة عليها، بعدم إجراء المزيد من الحفائر دون إذنه، وأعلن أن خروج القطع الأثرية من مصر ممنوع منعا باتا، وأنه سيتم نقل جميع المكتشفات إلى متحف الأزبكية.
تم نقل القطع الأثرية كاملةً من الأزبكية إلى إحدى القاعات داخل قلعة صلاح الدين في عهد عباس الأول عام 1851 ، حيث كانت الزيارة متاحة فقط لبعض كبار الزوار، وفي عام 1854 وأثناء زيارته لمصر زار متحف الأزبكية ولى عهد النمسا ماكسيميليان الذي أبدى اهتمامًا كبيرًا بتلك المجموعة، فقام حاكم مصر في هذا الوقت بإهدائه معظم هذه المجموعة، وتمثل الآن جزءًا كبيرًا من مجموعة الآثار المصرية القديمة في متحف تاريخ الفن في فيينا.
أوغست ماريتا
متحف بولاق
في عام 1858 عين حاكم مصر سعيد باشا عالم المصريات - الفرنسي أوجست مارييت - مديرًا لمتحف جديد في منطقة بولاق بالقاهرة، وكان مارييت في مهمة إلى مصر من قبل متحف اللوفر، وسرعان ما قام باكتشافات مهمة بما في ذلك جبانة السيرابيوم في سقارة، وكان مبنى المتحف في الأصل مكانًا لشركة النيل للملاحة في ميناء بولاق الذي يقع الآن بالقرب من مبنى التليفزيون ووزارة الخارجية.
في عام 1859بعد اكتشاف الأثاث الجنائزى للملكة إياح حوتب في ذراع أبو النجا في طيبة، منح والى مصر دعماً مالياً لتوسيع المبنى، وتم الافتتاح الرسمي لمتحف بولاق في 18 أكتوبر 1863 بحضور الخديوي إسماعيل، ومع ذلك سرعان ما أصبح المتحف أصغر من أن يستوعب جميع القطع الأثرية التي تم إضافتها إلى المجموعة الأصلية. وبحلول عام 1869 تم توسيع المبنى مرة أخرى، كما أدت فيضانات النيل الكارثية عام 1878 إلى أضرار جسيمة للمتحف وظل مغلقًا أمام الجمهور لإصلاحه حتى أعيد إفتتاحه في عام1881، وتحسباً لإحتمال حدوث فيضانات أخرى إلى جانب إكتشاف خبيئة المومياوات الملكية في الدير البحري عام 1881، بدأ التفكير في ضرورة البحث عن مكان جديد.
لسوء الحظ لم يتناسب قصر إسماعيل باشا لإستخدامه كمتحف وخاصة لعرض القطع الأثرية الضخمة فأصبحت هناك حاجة ماسة إلى إنشاء متحف جديد خاصة عندما تم اكتشاف خبيئة توابيت الأسرة الحادية والعشرين ومومياوات كهنة وكاهنات آمون في باب الجسس بالدير البحري خلال نفس العام، أيضا لم يكن قصر إسماعيل باشا آمنًا ولا متسعاً لعرض مئات المقتنيات التي يتم إكتشافها من الحفائر، علاوة على ذلك إفتقر القصر إلى معمل الترميم والصيانة والمكتبة والمكاتب الإدارية مما جعل من الصعب الإعتماد على ذلك المكان ليصبح متحفاً.
في مارس 1893 اجتمعت وزارة الأشغال العامة لمناقشة ما إذا كان سيتم إنشاء متحف جديد للآثار أو مجرد الإحتفاظ بالمقتنيات في قصر إسماعيل باشا بعد إجراء بعض التجديدات على المبنى وكان للمدير الجديد لمصلحة الآثار جاك دي مورجان (1892-1897) الفضل في حث الحكومة المصرية على بناء متحف جديد.
بين عامي 1893 و1895 بعد وقت قصير من إفتتاح متحف قصر إسماعيل باشا أعلنت لجنة رسمية من وزارة الأشغال العامة عن مسابقة دولية لتصميم متحف مصري جديد ومنح جائزة قدرها 1000 جنيه مصري للفائز.
كان من المقرر بناؤه في وسط المدينة في ميدان الإسماعيلية (ميدان التحرير حالياً) بين النيل وثكنات قصر النيل البريطانية، تم تقديم سبعة وثمانون إقتراحًا لمشروع المبنى الجديد وأخيراً تم إختيار تصميم لمبنى على الطراز الكلاسيكي الحديث من قبل المهندس المعماري الفرنسي مارسيل دورنيون.
تم تكيلف النحات فرديناند فيفر بصنع التمثالين الكبيرين اللذين يحيطان بالباب الرئيسي الذي يمثل مصر العليا والسفلى وتم وضع حجر الأساس للمتحف المصري في الأول من أبريل عام 1897 بحضور الخديوي عباس الثانى. وتم تكليف جاستون ماسبيرو بالإشراف العلمي ومهمة نقل وعرض القطع الأثرية بالمتحف بعد إكتمال البناء.
إحتل المتحف الجديد مساحة 15000 متر مربع وبلغت تكلفته حوالي 240 ألف جنيه في ذلك الوقت وأعلنت صحيفة الأهرام المصرية اليومية الإفتتاح الرسمي للمتحف المصري في 15 نوفمبر 1902.